نوع المقالة : Research Paper

المؤلف

کلیة الحقوق/ جامعة الموصل

الملخص

ظهر خلال العقدین الأول والثانی من القرن الحادی والعشرین على الأقل اتجاهان مهمان وبارزان إلى حد کبیر حول العالم فی عملیة وضع الدساتیر، الأول هو "الدستوریة الثوریة" أی استخدام عملیة وضع الدستور لمحاولة إضفاء الطابع المؤسسی وتحقیق نتیجة ناجحة لثورة سیاسیة. إلى جانب هذه النسخة التقلیدیة من الدستوریة الثوریة یمکن القول أن هناک أیضاً نسخة أحدث متمثلة فی حرکة ثوریة ناجحة انتخابیاً تستخدم عملیة وضع الدستور کوسیلة نحو التحول الجذری للنظام السیاسی الذی تهدف إلى تحقیقه. وقد حاولت بعض الدول العربیة التی عرفت ما أطلق علیه لاحقاً "الربیع العربی" الاستعانة بهذه النسخة التقلیدیة من الدستوریة الثوریة من أجل إقامة نظام دستوری ینطلق من مبادئ الثورات التی قامت فیها. لکن نتائج هذه المحاولات تباینت فیما بینها بسبب تظافر عوامل عدیدة قادت إلى هذا التباین.

الكلمات الرئيسة

التأسیس الثوری للدساتیر

دراسة فی "الدستوریة الثوریة" وتطبیقاتها فی دول الربیع العربی

م.د.حارث ادیب ابراهیم

کلیة الحقوق/ جامعة الموصل

  harithlaw@uomosul.edu.iq                      

 

 

 

ظهر خلال العقدین الأول والثانی من القرن الحادی والعشرین على الأقل اتجاهان مهمان وبارزان إلى حد کبیر حول العالم فی عملیة وضع الدساتیر، الأول هو "الدستوریة الثوریة" أی استخدام عملیة وضع الدستور لمحاولة إضفاء الطابع المؤسسی وتحقیق نتیجة ناجحة لثورة سیاسیة. إلى جانب هذه النسخة التقلیدیة من الدستوریة الثوریة یمکن القول أن هناک أیضاً نسخة أحدث متمثلة فی حرکة ثوریة ناجحة انتخابیاً تستخدم عملیة وضع الدستور کوسیلة نحو التحول الجذری للنظام السیاسی الذی تهدف إلى تحقیقه. وقد حاولت بعض الدول العربیة التی عرفت ما أطلق علیه لاحقاً "الربیع العربی" الاستعانة بهذه النسخة التقلیدیة من الدستوریة الثوریة من أجل إقامة نظام دستوری ینطلق من مبادئ الثورات التی قامت فیها. لکن نتائج هذه المحاولات تباینت فیما بینها بسبب تظافر عوامل عدیدة قادت إلى هذا التباین.

 

 

 

معلومات البحث                                   مستخلص البحث

 

 

تاریخ الاستلام

 

 

 تاریخ القبول

 

 

                              

 

 

 

 

 

 

 

       
   

الکلمات المفتاحیة

الدستوریة الثوریة

- الثورة الدستوریة

-           الربیع العربی

-           وضع الدستور

 

 
 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Revolutionary Establishing Of Constitutions

A Study In “Revolutionary Constitutionalism”

& It’s Application In Arab Spring Countries

Dr. Harith Adeeb Ibrahim

Lecturer/ College of Law - University of Mosul

    harithlaw@uomosul.edu.iq                      

 

 

 

 

Article History

Received:

14/3/2019

Accepted:

23/6/2019

 

 

Article  info.                            Abstract                                     

 

       
   
 
     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقدمة

ظهر خلال العقدین الأول والثانی من القرن الحادی والعشرین على الأقل اتجاهان مهمان وبارزان إلى حد کبیر حول العالم فی وضع الدساتیر، الأول هو "الدستوریة الثوریة" "revolutionary constitutionalism" أی استخدام عملیة وضع الدستور لمحاولة إضفاء الطابع المؤسسی وتحقیق نتیجة ناجحة لثورة سیاسیة([i]). إلى جانب هذا الشکل التقلیدی من الدستوریة الثوریة یمکن القول أن هناک شکلاً أحدث متمثل فی حرکة ثوریة ناجحة انتخابیاً تستخدم عملیة وضع الدستور کوسیلة نحو التحول الجذری للنظام السیاسی الذی تهدف إلى تحقیقه. فی هذه النسخة فإن الثورة السیاسیة فی الغالب تأتی لاحقاً لعملیة وضع الدستور ولیست سابقة علیها.

من هنا تأتی أهمیة هذا البحث الذی یحاول الوصول إلى الصیغة المثلى لعملیة وضع الدساتیر فی سیاق الدستوریة الثوریة أو ما أطلقنا علیه "التأسیس الثوری للدساتیر" فی بعض دول الربیع العربی، مستفیداً من تجارب دستوریة ثوریة سابقة وناجحة، آخذاً بعین الاعتبار العوامل السیاسیة – الاجتماعیة المؤثرة فی هذه العملیة. وتبرز الأهمیة الثانیة لهذا البحث من خلال تبنیه لفرضیتین رئیسیتین، الأولى هی أن "الدستوریة الثوریة" تعد تصنیفاً مفیداً ومثریاً للنظام الدستوری المقارن، إذ إنها تشمل من الناحیة التجریبیة مجموعة من المواقف المتضمنة للدستوریة بطریقة معینة وتثیر تحدیات خاصة. کما أن هذا المصطلح من الناحیة التحلیلیة یحوی مفهوماً متمیزاً عن المصطلح المشابه له وهو "الثورة الدستوریة". والفرضیة الثانیة تتعلق بدور عملیة وضع الدستور فی السیاق الثوری، إذ بالرغم من أن هذا الدور یرتبط بمجموعة واسعة من المتغیرات الاجتماعیة - السیاسیة، إلا أنه أقل أهمیة بالنسبة للنتائج النهائیة للدستوریة الثوریة مما یعتقده فقهاء القانون الدستوری فی کثیر من الأحیان، ویمکنه الاستجابة لتحدی ممیز واحد وهو الحاجة إلى إعادة تأسیس سلطة سیاسیة خسرها النظام القدیم. وبخصوص نماذج ثورات الربیع العربی فإن عملیة وضع الدستور یمکن أن تقدم مساهمة أساسیة کمصدر للشرعیة التی یجب أن یکتسبها النظام الجدید فی تلک البلدان.

تکمن مشکلة البحث فیما تطرحه الأسئلة الآتیة والمتمثلة فی: ما مدى أهمیة اقامة الدستور فی حد ذاته لنجاح أو فشل حلقات الدستوریة الثوریة مقارنة بالمتغیرات السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة الأخرى؟ ما هی مقومات نجاح الدساتیر فی السیاق الدستوری الثوری؟ إلى أی مدى تعد عملیة وضع الدستور مهمة فی السیاق الثوری؟ وما الذی یساهم فی نجاحها؟ ما هی سمات ومحتوى العملیة الأکثر أهمیة من غیرها؟

لا یقتصر نطاق البحث على مرحلة تاریخیة محددة ولا على بقعة جغرافیة محصورة بل یحاول الاستفادة من التجارب الثوریة التی شهدها التاریخ الحدیث والمعاصر، فی دول عدیدة جرت فیها أحداث ثوریة ساهمت فی صناعة نظم سیاسیة متنوعة، وشکلت نماذج یحتذی بها ما بعدها من تجارب، غیر أن خصوصیة الوضع وحداثة التجربة فی بعض بلدان الربیع العربی جعلها المحور الرئیس فی هذه الدراسة.

أخیراً یعتمد البحث الصیغة الثنائیة فی تبویباته إذ یبدأ بمبحث أول بعنوان الإطار المفاهیمی للدستوریة الثوریة من خلال تقسیمه إلى مطلبین یعرضان مسائل التعریف والمراحل والاشکالیات بشکل متتابع. ثم یعقبه مبحث ثانٍ بعنوان أثر الدستوریة الثوریة فی اقامة الدساتیر ساعیاً من خلاله إلى التعرف على عملیة وضع الدستور ودورها فی هذا السیاق من خلال تناولها فی مطلبین یوضح الأول الأهمیة النسبیة لإقامة الدساتیر فی السیاق الثوری، فی حین یستعرض المطلب الثانی مقومات نجاح التأسیسی الثوری للدساتیر.

 

 

 

المبحث الأول

الإطار المفاهیمی للدستوریة الثوریة

یسعى هذا المبحث إلى توضیح مفهوم "الدستوریة الثوریة" والفرق بینها وبین "الدستوریة غیر الثوریة"، وما هو وجه التشابه بینها وبین مصطلح "الثورة الدستوریة" وأنواع أخرى من الثورات السیاسیة. فضلاً عن بعض التوضیحات المفاهیمیة الأخرى. یهدف هذا المبحث کذلک إلى تحدید مراحل الدستوریة الثوریة ومخرجاتها، فضلاً عن الإشارة إلى بعض تناقضات ومشاکل الدستوریة الثوریة، والتی یکون مصدرها فی الغالب مزیج من التحول الجذری الأولی الذی تأتی به عملیة انتاج المنظومة الدستوریة والمقاومة اللاحقة لهذا التحول الجذری، کل هذه العناوین ستکون متضمنة فی المطلبین الآتیین.

المطلب الأول: مفهوم الدستوریة الثوریة وعلاقته بمفاهیم أخرى

یحاول هذا المطلب توضیح مصطلح "الدستوریة الثوریة" ومتى تم استخدامه أول مرة، والفرق بینه وبین حالة "الدستوریة غیر الثوریة"، وما هو وجه التشابه بینها وبین مصطلح "الثورة الدستوریة" وأنواع أخرى من الثورات السیاسیة.

الفرع الأول: مفهوم الدستوریة الثوریة([ii])

قد یتمثل نموذج "الدستوریة الثوریة" فی أذهان الکثیرین فی شکل حرکة ثوریة یترأسها زعیم أو قیادة ذات تأثیر کبیر (کارزیما)، بعد أن خاضت صراعاً طویلاً ضد نظام استبدادی أو تعسفی من نوع أو آخر، تکتسب تدریجیاً دعم الناس من خلال تفانیهم وتضحیاتهم الذاتیة من أجل حریتهم، متجسدة فی انتفاضة تسقط الحکومة وتستبدلها بأخرى فی نهایة المطاف، ثم ترسخ تلک المبادئ الثوریة فی وثیقة تأسیسیة جدیدة. غیر أن قیام نموذج دقیق بهذا الوصف نادراً ما یحصل فی التاریخ([iii])، لکن فی نظر أنصار هذا المفهوم فإن البدیل الأکثر شیوعاً یتمثل فی إحدى صورتین:

الصورة الأولى: الحرکة والقیادة الثوریة التی – عند وصولها فی النهایة – تشارک فی انتقال السلطة عن طریق التفاوض مع النظام القدیم بدلاً من المواجهة العنیفة والحاسمة معه، کما هو الحال فی الهند – تقریباً – وفی العدید من البلدان الأفریقیة خلال ستینیات القرن الماضی، وبولندا فی عام 1989، وجنوب أفریقیا بین عامی 1990 و1993.

الصورة الثانیة: الانتفاضة العفویة التی لا تملک أساساً تخطیطیاً مسبقاً والتی کانت مفاجئة للجمیع بما فی ذلک المعارضة([iv])، کما هو الحال مع الثورة الفرنسیة (الأولى)، والثورات الروسیة فی عام 1905 وفی شباط من عام 1917 ورومانیا فی عام 1990 وتونس ومصر فی عام 2011.

کما یرون أیضاً أن هناک احتمالاً آخر وأحدث لطریقة وضع الدستور تتمثل فی شکل تغییر سیاسی جذری من خلال عملیة انتخابیة واسعة یمکن أن یطلقوا علیها مصطلح "الثورة السیاسیة" مجازاً. ونظراً لهذه الصور العدیدة المتضمنة للدستوریة الثوریة، فقد یکون من المفید أن نبدأ من الأساسیات من أجل الحصول على فهم أکثر دقة للمفهوم وکیف یختلف من دولة إلى أخرى.

یعرف " ستیفن کاردباوم" الدستوریة الثوریة بأنها نوع من أنواع المبادئ الدستوریة، إذ تشیر کلمة "الثوریة" إلى عملیة تغییر سیاسی جذری، قد تأخذ معنى تقلیدیاً متمثلاً بالثورة التی تتم من خلالها عملیة التأسیس لدستور جدید فی الدولة وهذا الشکل هو الأکثر شیوعاً فی تفسیر المصطلح، کما أنها قد تأخذ معنى أکثر حداثة متمثلاً فی الوسیلة التی تستخدمها حرکة سیاسیة لتبریر وجودها السیاسی من خلال تحقیق فوز انتخابی واسع تلیه عملیة تأسیس دستور جدید. لذا فإن الدستوریة  الثوریة تختلف عن أنواع أو أنماط أخرى غیر ثوریة من عملیات وضع الدساتیر مثل الدستوریة التطوریة والنخبویة([v]).

إن مصطلح "الثوریة" بوصفه تحولاً سیاسیاً جذریاً وواسعاً یمتاز بمجموعة من السمات یمکن إجمالها بالنقاط الآتیة:

أولاً: تمثل شکلاً حقیقیاً من أشکال التعبئة الجماهیریة التی تشارک فیها القوة الخام المکوّنة للشعب مباشرة فی غیاب التسمیة الصحیحة المتمثلة على الأرجح فی الانقلاب أو التمرد.

ثانیاً: تقود الثورات بشکل مؤقت إلى تحولات مفاجئة أو حادة أو سریعة نسبیاً على الأقل تختلف عن التحولات التدریجیة أو الموسعة.

ثالثاً: من حیث مدى التحول فإن الثورات تجلب التغییر الجذری أو الأساسی بدلاً عن الإصلاح التدریجی، وعادةً ما تنطوی على إزالة النظام الحاکم.

أخیراً: تُستخدم فی الثورات عادةً أسالیب أو عملیات تغییر غیر قانونیة أو استثنائیة (على سبیل المثال "الإطاحة بنظام الحکم") على نحو یختلف عن الأنماط القانونیة أو الهیکلیة أو العادیة مثل الانتخابات والاستخلاف القانونی والتعدیل الدستوری([vi]).

تجدر الإشارة إلى أن هناک من یرى بأن العنف لیس متلازماً مع الثورات بالرغم من أن الثورات الدمویة أکثر شیوعاً فی التاریخ من الثورات السلمیة([vii]). إذا کانت الصفة تعنی أن "الدستوریة الثوریة" مرتبطة أساساً بثورة سیاسیة، فإن الاسم بالکامل یتطلب أن یکون مرتبطاً فقط بثورات سیاسیة من نوع معین. وقد کانت ثورات تونس ومصر ولیبیا فی عام 2011 منذ البدایة ثورات ذات أهداف دستوریة على الأقل فی نوایا القائمین علیها. وهذا النوع من الخصوصیة قد ظهر من خلال المقارنة الضمنیة لهذه الثورات مع أنواع أخرى من الثورات السیاسیة على سبیل المثال الثورات الشمولیة أو الثیوقراطیة. ففی الوقت الذی یمکن للنوع الثانی من الثورات أن یحل محل النظم الاستبدادیة أو المطلقة وتؤسس لدستور کالدستور البلشفی لعام 1918 إلا أنها لم تکن ثورات ذات أهداف أو أغراض دستوریة، بل ربما على العکس من ذلک قد یکونون مناهضین للفکرة الدستوریة. بناء على ذلک قد نصل إلى نتیجة مفادها أن "الدستوریة الثوریة" على الأقل فی معناها التقلیدی مرتبطة بشکل رئیس "بالثورة الدستوریة" بمعنى الثورة التی تهدف إلى إحداث تحول جذری فی النظام السیاسی من النظام القدیم غیر الدستوری إلى نظام دستوری جدید([viii]).

هناک صیغتین رئیستین تحدث من خلالهما الدستوریة الثوریة بالمعنى التقلیدی: إما الثورة على الانظمة الاستعماریة أو التغییر الداخلی للنظام. فمن أمثلة الثورة على الأنظمة الاستعماریة نجد الهند فی ستینیات القرن الماضی وإفریقیا، ویمکن القول کذلک أن أوروبا الوسطى والشرقیة فی 1989 وجنوب إفریقیا فی أوائل التسعینات (النسخة الاستعماریة الجدیدة). فی حین تعد الثورات الفرنسیة والمکسیکیة والروسیة وثورات تونس ومصر فی عام 2011 أمثلة على التغییر الداخلی للنظام([ix]).

الفرع الثانی: علاقة الدستوریة الثوریة بمصطلح الثورة الدستوریة

إن ما سبق من کلام یقودنا إلى الخوض فی مسألة العلاقة بین مصطلحی "الدستوریة الثوریة" و"الثورة الدستوریة"، فهل یشیر المصطلحان إلى المعنى ذاته أم لا؟ وإذا لم یکن الأمر کذلک فما هو وجه الاختلاف بینهما تحدیداً؟ للإجابة على هذین التساؤلین لابد من محاولة بیان معنى "الثورة الدستوریة"، إذ یرى الباحث بأن "الثورة الدستوریة" تشیر إلى عملیة التغییر الجوهری فی النظام الدستوری بکامله أو فی جزء منه، والذی بدوره یعد جزءاً من النظام السیاسی الأوسع والأکثر شمولیة، بمعنى أن "الثورة الدستوریة" فی جوهرها ثورة قانونیة لا سیاسیة، وبالتالی فإن الثورات الدستوریة لا ترتبط فی الأساس بثورة سیاسیة إذ قد تحدث عادة بدونها، وقد لا تنطوی بالضرورة على أی من سماتها الممیزة مثل (التعبئة الجماهیریة وطرق التغییر الاستثنائیة وغیر القانونیة... إلخ).

فی حین أن النطاق الأوسع لحالات "الدستوریة الثوریة" قد یشمل "الثورات الدستوریة" لکنه یتجاوزها، فعلى سبیل المثال هناک من یرى بأن الثورة الأمریکیة اشتملت على تغییر جوهری فی النظام القانونی والدستوری السابق لعام 1776، لکن هذا الوصف غیر کامل لها ولا یمکن عده من باب الثورة الدستوریة فقط. إن رفض نظام الحکم القائم والمستبد ومن ثم الاطاحة به من خلال التعبئة الجماهیریة، یتم فهمه بشکل کامل ودقیق بوصفه ثورة سیاسیة ذات أهداف دستوریة. إن الاعتراف بالفرق بین المفهومین یمکّننا من التمییز بین ما حدث فی کندا عام 1982 من جهة([x])، وتونس ومصر ولیبیا فی عام 2011 من جهة أخرى، وکذلک بین الثورة الاقتصادیة (New Deal) فی الولایات المتحدة من جهة والثورة الأمریکیة من جهة أخرى([xi]).

وانطلاقاً من حقیقة أن "الثورات الدستوریة" الأکثر شیوعاً تنطوی على تغییر جوهری فی إطار الدستوریة وانتقالاً من نموذج دستوری إلى آخر. علیه یعد التحول من الشرعیة العادیة إلى الشرعیة الدستوریة – مثل حالة کندا – ومن الدولة الموحدة إلى الدولة الاتحادیة – حالة بلجیکا – ومن المبدأ الدستوری فی عدم التدخل إلى الدولة المتدخلة – حالة الولایات المتحدة فی الثورة الاقتصادیة الـ(New Deal) – أو من شکل من أشکال الدستوریة غیر اللیبرالیة إلى الشکل اللیبرالی والعکس صحیح، کل هذه الصور من المحتمل أن تمثل حالة "ثوریة دستوریة"، تعکس تغیراً جوهریاً فی النموذج الدستوری. لکن الثورات الدستوریة قد لا تقتصر بالضرورة على التغییر فی النموذج الدستوری، فعلى سبیل المثال قد یکون بالإمکان اعتبار التحول القانونی فی المانیا من النازیة إلى الجمهوریة الفدرالیة بمثابة ثورة دستوریة، على الرغم من کونه أیضاً مثالاً واضحاً للدستوریة غیر الثوریة. بهذه الطریقة یمکن اعتبار "الثورة الدستوریة" مفهوماً أوسع من مفهوم "الدستوریة الثوریة" بالرغم من تضییق نطاق الأولى أو مقیاسها بوصفها تحولاً قانونیاً أساسیاً، إذ إنها تحتوی المزید من الحالات ولا تقتصر على السیناریوهات التی تنطوی على ثورات سیاسیة. یبدو أن کل هذا قد تم إدراجه فی تعریف (Gary Jacobsohn) للمصطلح بقوله: "یمکن القول بأن الثورة الدستوریة تظهر عندما نواجه فصلاً نموذجیاً متحققاً فی موشور المفاهیم الذی یتم من خلاله اختبار المبادئ الدستوریة فی نظام سیاسی معین"([xii]). یمکن الاستنتاج أنّ هذا التعریف یرکز على جوهر عملیة التغییر ومداها بغض النظر عن الطریقة، وکذلک یرفض فکرة وجوب حصول "الاختراق الحاد" “sharp break” من خلال الاعتراف بأن بعض الثورات الدستوریة حصلت بشکل متدرج وعلى مدى فترة زمنیة طویلة نسبیاً (على سبیل المثال الثورة الإیرلندیة 1922-1937)([xiii]).

والسؤال الذی یطرح فی هذا السیاق: ما هو الوضع فیما یتعلق بمفهوم "الدستوریة الثوریة"؟ هل هو أیضاً یتعامل بشکل جوهری مع النتائج أم مع الوسیلة التی یحدث التغییر من خلالها؟

رغم أن کل نسخة من نسختی "الدستوریة الثوریة" – نسخة الثورة على الانظمة الاستعماریة ونسخة التغییر الداخلی للنظام – تقدم إجابة مختلفة عن الأخرى إلى حد ما، لکن کلیهما تؤکدان على "الوسائل" فی عملیة التغییر بوصفها أکثر مرکزیة من "الجوهر" بخلاف "الثورات الدستوریة". وفیما یتعلق بالنسخة التقلیدیة لا یمکن أن تکون الدستوریة الثوریة حول النتائج أو المخرجات فقط بمعنى استبدال الأنظمة الاستبدادیة أو المطلقة بأنظمة دستوریة، لکنها تتضمن أیضاً فی الأساس کیفیة تحقیق النتیجة من خلال "عملیة ثوریة". هذا ما یمیز – مرة أخرى - "الدستوریة الثوریة" فی هذا المعنى الأساسی عن الطرق الأخرى غیر الثوریة من المبادئ الدستوریة، على سبیل المثال تلک التی "فرضت" على قوى المحور المهزومة بعد الحرب العالمیة الثانیة.

وإذا تمعنّا فی الحالة المصریة نجد هناک من یرى بأن الجیش المصری کان قد أزاح نظام مبارک ببساطة فی عام 2011 من خلال عملیة دستوریة واحدة مقنعة من تلقاء نفسه دون وجود تظاهرات جماهیریة أو قبل أن تبدأ – من دون أن نعد هذه العملیة بوصفها مرحلة من مراحل الدستوریة الثوریة - ربما دستوریة نخبویة وربما "انقلاب دیمقراطی"([xiv]). الشکل الخاص للتعبئة الجماهیریة أقل أهمیة، یمکن أن یشمل مظاهرات سلمیة وانتفاضات شعبیة ودعم سیاسی شامل للحرکة الثوریة لبدء انتقال السلطة بصیغة تفاوضیة، کما هو الحال فی بولندا وجنوب أفریقیا.

بالرغم من أن التعبئة الجماهیریة ضروریة فی الأساس من أجل الدستوریة الثوریة فهی بالطبع لیست کافیة، إذ إن التعبئة الجماهیریة للدستوریة بحد ذاتها - سواء من خلال الحرکة الثوریة أو غیرها - لا ترقى أو توازی الثورة الدستوریة، وقد لا تکون نتیجتها سوى التفریق والمضایقات من قبل القوات الموالیة للنظام القائم کما هو الحال فی تظاهرات "میدان تیانانمن" فی الصین عام 1989([xv]).

 

المطلب الثانی: مراحل الدستوریة الثوریة وتناقضاتها

یحاول هذا المطلب الإشارة إلى المراحل التی تمر عبرها عملیة التأسیس الثوری للدساتیر، ثم یعرج إلى التناقضات التی تظهر أثناء سیر هذه العملیة من خلال رفضها لفکرة الثورة الدائمة، هذه المراحل والتناقضات سیتم عرضها من خلال الفرعین الآتیین:

 

الفرع الأول: مراحل الدستوریة الثوریة ومخرجاتها

تمیل معظم الثورات السیاسیة بما فیها الدستوریة الثوریة إلى المرور عبر المراحل الثلاث نفسها: المرحلة الأولى هی فقدان سلطة النظام القدیم على نطاق واسع وشامل وظاهر بشکل متزاید، وهو الشرط المسبق الضروری للفرصة الثوریة. إذ لاحظت (Hannah Arendt) أن هذا هو سبب الثورات بدلاً من المؤامرة([xvi]). وسواء کان هذا الفقدان للسلطة من الصنف الاستعماری أو الداخلی فإنه عادة ما یستغرق فترة طویلة من الزمن، على الرغم من أن مظهره ووجوده قد یکونان أکثر أو أقل بشکل مفاجئ.

المرحلة الثانیة هی اللحظة الثوریة نفسها وهی النقطة التی یفقد فیها النظام القدیم قوته ناهیک عن سلطته التی تبخرت فی السابق (المرحلة الأولى). قد یکون فقدان القوة هذا فوریاً وکلیاً حیث یتم طرد حاکم سلطوی من منصبه – بأی طریقة کانت (قتل أو نفی أو سجن) - وینشأ فراغاً فی السلطة بین جمیع مؤسسات الدولة. فی بعض الأحیان یتم إسقاط الحاکم ولکن "مؤسسات الدولة" تستمر فی العمل - کلیاً أو جزئیاً - کما هو الحال فی مصر. فی بعض الأحیان یستمر الحاکم أو النظام الحاکم فی منصبه على الأقل مؤقتاً ولکن مع تناقص القوة بشکل کبیر، إذ یصبحون مضطرین للمشارکة مع الآخرین بموجب شروط رسمیة أو غیر رسمیة جدیدة، کما هو الحال مع لویس السادس عشر عام 1789([xvii])، وحکومة الحزب الوطنی "لدیکلیرک" فی جنوب أفریقیا فی أوائل التسعینیات([xviii]). وکما رأینا فإن هذه اللحظة الثوریة یمکن أن تتجلى فی عدة طرق، من انتفاضات شعبیة سلمیة وعنیفة على حد سواء، إلى مطالب أو دعوة للحرکة الثوریة لبدء المفاوضات التی تؤدی إلى نقل السلطة بشکل رسمی. إن السبب المباشر للحظة ثوریة أو شرارتها یمکن أن یأتی بعدة صور، على سبیل المثال الطقس الکارثی وتلف المحاصیل فی فرنسا خلال 1788-1789، أو "رسالة من السجن" صادرة عن "فرانسیسکو مادیرو" بعد الانتخابات الرئاسیة عام 1910 فی المکسیک، أو تضحیة "محمد بوعزیزی" بنفسه فی تونس فی کانون الاول 2010([xix]).

المرحلة الثالثة من عمر الثورات - على الأقل إذا کانت ناجحة بما فیه الکفایة فی المرحلة الثانیة للوصول إلى هذه المرحلة - هی إنشاء النظام الجدید بدلاً من القدیم. بالنسبة إلى الدستوریة الثوریة فإن هذه هی المرحلة النهائیة عادة بالرغم من أنها قد لا تعد کذلک لأنواع أخرى من الثورات، وتصل النهایة إلى واحدة من أربع طرق رئیسة: الأول یتمثل فی میل الثورات الدستوریة الناجحة إلى انهائها بدستور یرسخ المبادئ الثوریة ویحقق الاستقرار والشرعیة الشعبیة للنظام الجدید، وبذلک یکمل دورة إعادة تأسیس السلطة الحکومیة التی خسرها النظام القدیم([xx]). هذه النهایة هی عادة نتیجة لعملیة من خطوتین تتمثل فی إنشاء نظام مؤقت مکلف بتنظیم ومراقبة عملیة وضع الدستور، ومن ثم النظام الدائم الذی تشکله هذه العملیة الأخیرة. ومن الأمثلة على مثل هذه الثورات الدستوریة الناجحة الثورات الأمریکیة والهندیة وجنوب أفریقیا([xxi]) والتونسیة حتى هذه اللحظة. أما الطریق الثانی للنهایة المحتملة والذی یعد الفشل الأول فی الدستوریة الثوریة فیتمثل فی تأسیس شکل جدید من الحکم غیر الدستوری کما فی المثال الفرنسی وقت لویس بونابرت بعد عام 1848. والطریق الثالث هو استعادة النظام القدیم کما هو الحال فی إنجلترا بعد عام 1660 ومعظم الدول الأوروبیة التی شهدت الثورات فی عام 1848 ومصر تحت قیادة السیسی منذ تموز 2013. أما الطریق أو النتیجة الرابعة والأخیرة هی فشل أی نظام فی تأسیس (أو إعادة تأسیس) نفسه بعد استبدال النظام القدیم مع الانهیار الدائم والفوضى والخلاف وربما الحرب الأهلیة، ویبدو أن هذه هی القصة فی لیبیا حتى الآن بالرغم من أنه من المشکوک فیه إلى أی مدى کانت القوة التی أسقطت النظام فی المرحلة الثانیة داخلیة ولیست خارجیة. من الواضح أن هذا السیناریو الأخیر قد یکون - فی الغالب الأعم - سیناریو مؤقت - وإن کان فی بعض الأحیان لفترات طویلة - قبل أن یتحول بشکل دائم إلى واحد من السیناریوهات الثلاثة الأولى کما هو الحال مع الثورة المکسیکیة. وبالمثل قد تفشل بالطبع محاولة توطید النتیجة الناجحة الأولى فی أی من المرحلتین الفرعیتین (عملیة وضع الدستور وتشکیل السلطة) وتؤدی فی النهایة إلى النتیجة الثانیة أو الثالثة أو الرابعة مثال ذلک حصول النتیجة الثالثة فی مصر.

الفرع الثانی: تناقضات الدستوریة الثوریة

تنطوی الدستوریة الثوریة فی شکلها التقلیدی على تحول جذری (ثورة سیاسیة)، لکن بمجرد الانتهاء من عملیة وضع الدستور بغیة إضفاء الطابع المؤسسی على المبادئ الثوریة للنظام الجدید وتحویل هذه المبادئ إلى شکل عملی من خلال إضفاء طابع تعبیری علیها، فإن هذا النظام الجدید سیبدأ بمقاومة أی تغییر جذری إضافی. ومن خلال الجمع بین المرحلة الأولى (التحول الجذری) والمرحلة الثانیة المتمثلة بالمستقبل الأکثر تحفظاً ترفض الدستوریة الثوریة فکرة "الثورة الدائمة"([xxii]).

إن هذه المقاومة للتغییر الجذری الإضافی والإعلان الفعلی لنهایة الثورة تأخذ عادة شکلین قانونیین قیاسیین من الدستوریة: الشکل الأول یتمثل فی التحصین، بمعنى الصعوبة النسبیة لإجراء تعدیلات على الدستور (الثوری) من خلال نوع من متطلبات الأغلبیة العظمى، والشکل الثانی یتمثل فی تمییز التعدیل الدستوری عن استبدال الدستور على الأقل ضمنیاً (من خلال الإشارة فقط إلى الدستور السابق ومن ثم عدم النص على هذا الأخیر) ([xxiii]). بهذه الطریقة تأخذ الدستوریة الثوریة "التناقض الدستوری" الأکثر عمومیة - الذی یشیر إلیه  "میستیر" والمتمثل فی أن: "الشعب. . . هو السلطة التی لا یمکنها ممارسة السیادة" - إلى مستوى جدید مرتفع. إذ إنه فی بدایة الأمر یمارس الناس السیادة مباشرة، ولکن بمجرد انتهاء الحدث یتم سحب هذه الإمکانیة للمستقبل. وبصرف النظر عن التناقض نفسه فإن هذا الإطلاق لعنان الروح الثوریة ابتداء ثم تدجینها لاحقاً یخلق مشکلة عملیة خطیرة تساعد فی تفسیر فشل العدید من الثورات، على الأقل مثل الثورات الدستوریة. إن القوة الثوریة – بعد أن تراکمت عادة على مدى فترة طویلة من الزمن – بمجرد إطلاقها یمکن أن تکون قویة للغایة وصعبة الاحتواء، وهذا یساعد على تفسیر لماذا بدأت عدة ثورات (الثورة الفرنسیة الأصلیة والثورة البلشفیة فی شباط 1917 والمکسیکیة) أکثر محدودیة و"لیبرالیة" أو بأهداف ومراحل دستوریة بالکامل لکن غمرتها الاندفاعات فی نهایة المطاف لقوى أکثر رادیکالیة وعنفاً کانت تتصاعد من القاع خلال تقدم الثورة([xxiv]). وعندما تصبح الثورة أکثر رادیکالیة - أو یُنظر إلیها على هذا النحو - فإن هذا بدوره یؤدی إلى دعم العودة إلى النظام وبعض أشکال الثورة المضادة أو حتى استعادة النظام القدیم. إن من أبرز الأمثلة على استعادة اللیبرالیة الرادیکالیة والثورة المضادة تتجلى فی الثورة الإنجلیزیة والحرب الأهلیة فی منتصف القرن السابع عشر وکل من الثورتین الفرنسیة فی 1789 وفی 1848.

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثانی

أثر الدستوریة الثوریة فی اقامة الدساتیر

تعد الدستوریة الثوریة أحد السیناریوهات التی تتم فیها عملیة وضع الدستور، بل هی من أهم وأوضح السیناریوهات فی السنوات الأخیرة. ستتم فی هذا المبحث إثارة بعض الأسئلة المتعلقة بعملیة وضع الدساتیر منها: هل هناک أی سمات أو تحدیات ممیزة فی عملیة وضع الدستور فی السیاق الثوری مقارنة بالسیناریوهات الأخرى؟ أم أن المناسبة المعینة التی قادت لعملیة وضع الدستور لا تعد مهمة نسبیاً حالما تبدأ العملیة؟ هل تؤثر طبیعتها الدستوریة وهدفها فی عملیة وضع الدستور بطریقة تختلف عن الأنواع الأخرى من الثورات السیاسیة؟ عند البحث عن اجابات لهذه الأسئلة تبین أنه یوجد اثنتین على الأقل من سمات السیناریو الثوری ذات أهمیة کبیرة:

السمة الأولى: عادة ما تتم عملیة وضع الدستور فی أجواء من الهدوء السیاسی والهشاشة خلال الفترة ما بین المرحلتین الثانیة والثالثة عندما یحتاج النظام الجدید إلى إعادة تأسیس السلطة السیاسیة بعد فقدان سلطة النظام القدیم، بعبارة أخرى فإن السیاق الثوری لا تتم إزالته مرة واحدة فقط من السیاسة العادیة بل مرتین.

السمة الثانیة: من المرجح أن تعمل المبادئ أو المطالب الثوریة فی المرحلة الأولى (التحول الجذری) کشکل مهم من أشکال التقیید الأساسی الثابت([xxv]) على المخرجات المحتملة فی المرحلة الثانیة (المستقبل الأکثر تحفظاً) وإلا فإن صانعی الدستور قد یواجهون اتهامات بخیانة الثورة أو القیام بدور المناوئین للثورة. بالرغم من أن المعاییر العامة للنتائج الدستوریة المحتملة قد تکون مرنة إلا أن أی ثورة ستقوم بالأخذ بعین الاعتبار بعض المبادئ أو المطالب المحددة إلى حد ما، إما کما تصورتها الحرکة الثوریة سلفاً أو کما تم تشکیلها فی سیاق الشرارة التی أشعلت الانتفاضة.

 

المطلب الأول: الأهمیة (النسبیة) لإقامة الدساتیر فی السیاق الثوری

لقد وصفت عملیة اقامة الدستور بشکل عام بأنها لحظة أساسیة فی تشکیل شخصیة أی نظام جدید([xxvi]). لکن هناک بعض التساؤلات لابد من محاولة الاجابة علیها، ما هو دور عملیة اقامة الدستور فی السیاق المحدد للدستوریة الثوریة وأهمیتها النسبیة للنجاح أو الفشل الکلی لهذا النظام الجدید وللثورة التی جلبته إلى السلطة مقارنة بالعوامل الاجتماعیة والسیاسیة الأوسع؟ وهل تعد هذه العملیة فی المشروع الأوسع لمجریات الأمور هی المتغیر الحاسم بالضرورة ؟

من الواضح أن أی علاقة بین عملیة وضع الدستور والمنتجات النهائیة والمخرجات السیاسیة هی علاقة معقدة للغایة([xxvii]). ففی سیاق الدستوریة الثوریة بشکل خاص فإن معرفة دور العوامل الدستوریة مقابل العوامل الأخرى فی تشکیل المخرجات أو تحدیدها یعد تحدیاً على نحو خاص بسبب الوجود السیاسی المصاحب وتدفق الاضطرابات وحجمها، ومع ذلک لا یمکن القول بأن مجموعة من العوامل والمتغیرات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة الأوسع نطاقاً یمکن أن تؤثر بشکل کبیر على أرجحیة نجاح ثورة دستوریة بمجرد بلوغ هذه الثورة المرحلة الثالثة والأخیرة التی تمت الاشارة إلیها فی المطلب الثانی من المبحث السابق.

السبب الأکثر موضوعیة فی الأهمیة المعطاة لعملیة وضع الدستور بعد نجاح الثورة هو أنه یمکن أن یکون مصدراً مستقلاً لشرعیة النظام الجدید، إذ کما رأینا فإن الثورات لا تبدأ إلا بعد أن یفقد النظام القدیم السلطة فی الحکم، ویجب على النظام الجدید - إذا أراد أن ینجح - ألا یحل محل النظام القدیم فی النفوذ فحسب بل أیضاً فی السلطة من خلال تأسیس سلطته وإعادة تأسیس الحکومة بشکل عام. وإذا خسر النظام الجدید أو فقد الشرعیة فإن هذا یخلق الظروف للنضال المستمر والإطاحة المحتملة به، کما هو الحال مع ما حصل فی مصر فی تموز 2013، إذ بالرغم من قوة الجیش إلا أن نجاحة کان بحاجة إلى هذه النقطة المتمثلة فی استنزاف الشرعیة من نظام "مرسی". إذن کیف یمکن للنظام الجدید أن یحقق هذا؟ ما هی مصادر هذه الشرعیة؟ فی السیاق الثوری العام هناک ثلاثة مصادر تذکر على نطاق واسع:

المصدر الأول هو أن الحرکة والقیادة الثوریة قد اکتسبوا الشرعیة نتیجة نضالهم الطویل وتضحیاتهم نیابة عن الشعب للتخلص من النظام القدیم، وحین تتولى زمام السلطة باسم الشعب تتحول هذه الشرعیة إلى النظام الجدید([xxviii]). هذه إحدى الأسباب التی تجعل مثل هذه الثورات تمیل إلى أن تکون أکثر نجاحاً من حالة التنوع من دون قیادة. على سبیل المثال نجد أن "جورج واشنطن" أخذ معه شرعیته التی اکتسبها خلال الحرب الثوریة إلى المنصب الجدید المتمثل برئاسة الولایات المتحدة ولیس العکس – کما هو الحال مع جمیع رؤساء الجیل ما بعد الثورة على الأقل – ولهذا السبب کان من المهم جداً إقناعه بقبول المنصب. وبالمثل فی الهند استمر هذا المصدر من الشرعیة لبقیة حیاة "نهرو" واستمر لحزب المؤتمر لأکثر من عقد آخر بعد وفاته([xxix]). کذلک کانت حرکة التضامن فی بولندا وزعیمها "لیخ فاونسا" هی المستفیدة من هذه الشرعیة فی عام 1989 وبعده. وفی جنوب أفریقیا أُعطِیت إلى "نیلسون ماندیلا" وجیله من النشطاء المناهضین للفصل العنصری وما زالت حتى الآن أساس الهیمنة السیاسیة لحزب المؤتمر الوطنی الأفریقی.

المصدر الثانی للشرعیة مستمد من الأداء المتمثل فی تقدیم ما یریده معظم الناس. إذ تبدأ الغالبیة العظمى من الثورات بمطالب شعبیة للدیمقراطیة بما فی ذلک الاستقلال أو الحکم الذاتی أو الخبز – أی مستقبل اقتصادی أفضل – وحیثما تکون هذه الأمور مرضیة على نحو معقول فإنها تجلب شرعیتها المتمیزة إلى أولئک المسؤولین عن النتیجة، سواء کانت حرکة ثوریة أو غیر ذلک. فی بعض الأحیان تبدو الثورة إما أنها تفقد الاتجاه أو تکتسب الزخم وخاصة عندما یتجلى ذلک من خلال زیادة مستویات العنف والفوضى وانهیار النظام، فتظهر رغبة شعبیة جدیدة للاستقرار وتبدأ فی استبدال مطالبها باتجاه التوق إلى الدیمقراطیة. هذه هی قصة العدید من الأحداث مثل انقلاب "ترمیدورین" "ونابلیون" فی فرنسا([xxx])، والعدید من الثورات المضادة وأشکال جدیدة من الحکم الاستبدادی. فی هذه الحالة قد یکون إخراج الجماهیر - أو عدد کبیر منهم – للمطالبة بالنظام والاستقرار وارتفاع أو الخشیة من ارتفاع مستویات المعیشة کل ذلک کافیاً لإضفاء الشرعیة وإعطاء السلطة للنظام الجدید، على الأقل طیلة فترة استمرار هذه المطالبات. إن ما حصل فی مصر من أحداث سبقت الاطاحة بنظام "مرسی" فی 2013 یؤکد لنا من الناحیة العملیة أن هذه الأحداث کانت المصدر الفعلی والوحید لشرعیة نظام "السیسی" کما هو ولیس ما حصل لاحقاً فی عام 2014 من استفتاء على الدستور والتصویت بنسبة 98.1% لصالحه الذی تحقق بنسبة 38.6% من الإقبال. وبالنظر إلى التجربة الثوریة الأخیرة للبلاد یبدو أن هذا هو الأساس الحقیقی والهش للشرعیة والمتمثل فی إعادة الاستقرار والنظام على المدى القصیر على الأقل.

أما المصدر الثالث للشرعیة فهو أمر له أهمیة خاصة بالنسبة للثورة الدستوریة والمتمثل فی عملیة إقامة الدستور ومحتواه، إذ عندما تحصل مطالبة النظام الجدید للسلطة – کلیاً أو جزئیاً – بإجراء عملیة وضع الدستور التی یُنظَر إلیها من قبل شریحة واسعة من الشعب والحرکات الثوریة أن تکون عادلة وشاملة، والوثیقة الناتجة المتضمنة – بشکل معقول – لأهداف ومبادئ وتطلعات الثورة، بعد ذلک - ومع ثبات العوامل الأخرى - من المفترض أن تتم تلبیة المطالبة أعلاه وتتم معاملة النظام الجدید بوصفه نظاماً شرعیاً. فی بعض الأحیان یکون هذا المصدر المتمیز للشرعیة مفروضاً بقوة على أحد المصدرین السابقین أو کلیهما، کما هو الحال فی الهند وجنوب إفریقیا على سبیل المثال. فی بعض الأحیان سیکون مفقوداً لکنه لیس جوهریاً فی ضوء المصدرین الآخرین، کما هو الحال فی بولندا فی عام 1989 وما بعده حیث جاءت الحرکة الثوریة والقائد الثوری إلى السلطة وأعطت الناس ما یریدونه (الاستقلال والانتخابات والدیمقراطیة والتحرک نحو اقتصاد السوق) لکن من دون الانخراط فی عملیة وضع الدستور – بخلاف ما کان یجری من عملیة تعدیل انتقائی لمواد الدستور من قبل المشرّع – لعدة سنوات([xxxi]). لکن فی بعض الأحیان وبخاصة عندما تکون المصادر الأخرى غیر موجودة سیکون هذا المصدر الثالث حاسماً. قد تصلح تونس أن تکون مثالاً على أهمیة ما تم ذکره فی أعلاه - فی سیاق ثورة لا قائد لها فی الغالب – إذ یبدو أن مصدراً رئیساً لشرعیة حکومة الوحدة الحالیة هو الشعور السائد بأنها نتاج تجربة ناجحة إلى حد کبیر فی عملیة وضع الدستور. وکان یُنظَر إلى عملیة صیاغة الدستور من جانب الجمعیة الوطنیة التأسیسیة - المنتخبة مباشرة عن طریق الاقتراع العام والتمثیل النسبی - بصورة إیجابیة وعلى نحو مناسب من قبل معظم الناس منذ البدایة، وانتقل ذلک إلى الوثیقة النهائیة المنتجة، على الرغم من أن تبنیها لم یتطلب الاستفتاء الشعبی([xxxii]). على النقیض من ذلک کان نظام مرسی یفتقر – حاله کحال الحکومة الحالیة المعترف بها دولیاً فی لیبیا – إلى جمیع مصادر الشرعیة الثلاثة. فالثورات کانت بلا قیادة إلى حد کبیر، وقد فشلت فی تحقیق الأهداف الأساسیة التی ثار الناس من أجلها. فی الحالة المصریة کان ینظر إلى کل من تجربة وضع الدستور وواضعیه بعد الثورة فی ذلک الوقت بأنها کانت تشوبها عیوب عمیقة ومشخصة من قبل قطاعات کبیرة من السکان. وهکذا فإن الظروف المحیطة بالجمعیتین التأسیسیتین الأولى والثانیة – المعینتین من قبل البرلمان المصری - والمتمثلة فی خطابات وأدبیات التعبئة الحزبیة من جانب الإخوان المسلمین وانسحاب أعضاء من ذوی التوجهات العلمانیة اللیبرالیة فضلاً عن تدخلات المحکمة الدستوریة بشکل مستمر فی حل الجمعیة والتهدید به([xxxiii])، کلها کفلت أن تعامل الوثیقة النهائیة من قبل قطاعات واسعة من الطیف السیاسی والمجتمعی على أنها غیر شرعیة بغض النظر عن محتواها ومهما کانت نتیجة الاستفتاء الشعبی (64% لصالح الوثیقة مع نسبة إقبال منخفضة تبلغ 33%)([xxxiv]).

 

المطلب الثانی: مقومات نجاح إقامة الدساتیر فی السیاق الدستوری الثوری

یحاول هذا المطلب معرفة العوامل أو المقومات التی تساهم فی نجاح عملیة إقامة الدستور، بحیث یمکنها أن تلعب دوراً مهماً فی المنتج النهائی لأحداث الدستوریة الثوریة نتیجة للأسباب التی تمت مناقشتها سابقاً أو غیرها، ومن أبرز هذه العوامل أو المقومات هی الظروف المحیطة بهذه العملیة، فضلاً عن محتوى الدستور الموضوع، وهو ما سیتم تناوله على التوالی فی الفرعین الآتیین:

الفرع الأول: الظروف المحیطة بعملیة إقامة الدساتیر

عندما تکون هناک حرکة ثوریة ذات دعم شعبی عریض وشامل یتجاوز مجرد التفوق التنظیمی لأحد الأحزاب أو التنظیمات، فإن مشارکة جمیع المجموعات فی عملیة وضع الدستور تکون مفیدة ومرغوبة للغایة ابتداء من الإجراءات، هذا الأمر کان واضحاً إلى حد ما فی الأحداث التی تلت الثورة فی مصر. إن التأکد من أن أکبر عدد ممکن من المجموعات السیاسیة والفصائل القیادیة لدیهم شعور بالالتزام وإدراک بالاستثمار فی مشروع مشترک أو عام مسألة فی غایة الأهمیة، لکنها ربما لیست حاسمة للنجاح النهائی لعملیة وضع الدستور. لکن فی سیاق ثورة بلا قیادة فی الغالب دون أن توجد حرکة مهیمنة بصدق على المشهد الثوری فإن ضمان أن جمیع المجموعات الرئیسة تستثمر فی عملیة اقامة الدستور ومنع أی واحد منهم من استغلال الأسبقیة المؤقتة أو التنظیمیة للسیطرة علیها له أهمیة خاصة([xxxv]). یجب تحدید ترکیبة وهیکل کل من هیئة صیاغة الدستور والحکومة المؤقتة مع وضع هذه الأولویة – مشارکة جمیع المجموعات – فی الاعتبار. إن غیاب مثل هذه المجموعة أو الحرکة المسیطرة المؤقتة، ووجود جمعیة تأسیسیة منتخبة نسبیاً، وشکل برلمانی تقریبی للحکومة المؤقتة - کما هو الحال فی تونس - سوف یتلاءم عموماً مع هذه الأولویة من خلال التوصل إلى شکل من أشکال المشارکة الفعلیة فی السلطة. ولکن فی حال وجود مثل هذه المجموعة - کما اتضح فی مصر فی أعقاب الإطاحة بمبارک - فإن الوضع أکثر صعوبة فی هذا الصدد خاصة بوجود جیش قوی لدیه تاریخ من التدخل یراقب التطورات بعنایة. فی هذه الحالة قد تکون هناک حاجة لمزید من الترتیبات الرسمیة لتقاسم السلطة لکل من الحکومة المؤقتة والمجلس التأسیسی لضمان المشارکة الکاملة لأکبر عدد ممکن من جمهور الناخبین. باختصار فإن أخذ السیاق السیاسی بعین الاعتبار أمر بالغ الأهمیة.

من خلال المقارنة بین أمثلة الحالة المصریة وحالة جنوب أفریقیا والحالة التونسیة، نجد أن التسلسل والتوقیت والإجراءات فی عملیة وضع الدستور الثوری یمکن أن تکون عوامل مهمة. إذ تضمنت الأمثلة الأخیرة العملیة المعتادة المکونة من مرحلتین لنظام مؤقت یشکل القواعد والأسس لخَلَفِه یتبعه نظام نهائی یتم تشکیله من قبلهم، على الرغم من أن نسخة جنوب إفریقیا شملت ظاهرة غیر عادیة من عملیتین مختلفتین لإقامة الدستور: الاولى صیغة مؤقتة تمت باتفاق النخبة والثانیة من قبل الجمعیة الدستوریة المنتخبة، وبصرف النظر عن التسلسل الأکثر منطقیة أو تنظیماً لتحدید الإطار قبل العمل بموجبه، فإن هذا الترتیب الأکثر معیاریة یحدّ من دوافع التعامل الذاتی الفردی أو المؤسسی من خلال العمل تحت شکل من أشکال حالة الغموض فیما یتعلق بمعرفة الأشخاص الذین قد یشغلون المنصب فی النظام الجدید. من المسلم به أن هذا الأمر ممکن القبول به فی حالة وجود الزعیم الثوری مثل جورج واشنطن فی الولایات المتحدة ونهرو فی الهند وماندیلا فی جنوب أفریقیا، والذی سیکون بالتأکید من سیشغل أی منصب رئاسی جدید دائم یتم إنشاؤه. لکن فی حالات أخرى مثل حالة مصر فقد کان قراراً مشؤوماً – بالرغم من احتوائه على حسن النیة – والمتمثل بإجراء انتخابات رئاسیة وبرلمانیة نظامیة قبل بدء إجراءات صیاغة الدستور واقراره، على أمل أن هذا من شأنه أن یسیطر بسرعة أکبر على الأحداث بعیداً عن هیمنة الجیش، وقد بدا هذا القرار بأنه سیزید من الحوافز والفرص للتعامل مع الذات وانهاء أی حالة من الغموض، فضلاً عن الإحساس بعدم الشرعیة المحیطة بعملیة اقامة الدستور. على سبیل المثال کانت الجمعیة التأسیسیة تناقش ما ستکون علیه صلاحیات الرئیس مرسی للسنوات الأربع القادمة، ولیست صلاحیات حاکم غیر معروف فی المستقبل([xxxvi]).

بخلاف مسألة الترتیب والتسلسل یبدو أن المسألة الثانیة المتعلقة بالوقت أقل أهمیة فی السیاق الثوری، والمتمثلة فی فرض مواعید نهائیة على عملیة وضع الدستور، والتی أشار البعض إلى ضرورة أن تکون حاسمة للحفاظ على الشعور بالإلحاح اللازم للتوصل إلى اتفاق([xxxvii]). أعطیت عملیة وضع الدستور المصری مهلة ستة أشهر وسنتین فی جنوب أفریقیا فی حین لم یکن للتونسیین مدة محددة وانتهى بهم الأمر لمدة ثلاث سنوات، ونفس الشیء یصح فی المثال الهندی. ولعل أهمیة الوقت تکمن فی أن الفراغ السیاسی والفجوة السیاسیة للسیناریو الثوری یخلقان إحساساً خاصاً بالحاجة الملحة له.

القضیة الثالثة المتعلقة بالإجراءات - فی السیاق الثوری بالتحدید - هی ما إذا کانت طبیعة هیئة صیاغة الدستور (الهیئة التشریعیة العامة أو الجمعیة التأسیسیة المتخصصة) مهمة أکثر أو أقل فی تکوینها، وما إذا کانت ذات حریة وسیادة أو مقیدة فی مخرجاتها([xxxviii]). والأمثلة الآتیة توضح التباین فی تقدیم الإجابة عن التساؤل أعلاه ففی جنوب أفریقیا بموجب الدستور المؤقت لعام 1993 عمل أول برلمان منتخب دیمقراطیاً بوصفه واضعاً لمسودة الدستور – جمعیة تأسیسیة – وبوصفه ایضاً سلطة تشریعیة عادیة، أما فی تونس فقد عملت الجمعیة التأسیسیة أیضاً کمجلس تشریعی مؤقت فی نظام برلمانی بحکم الواقع - بوصفها الهیئة الوحیدة المنتخبة - وعینت الرئیس المؤقت ورئیس الوزراء وکان الأخیر مسؤولاً سیاسیاً أمامها. على خلاف ذلک فی المثال المصری فقد کانت الجمعیة التأسیسیة هیئة منفصلة ومتخصصة لصیاغة الدستور، تعمل بالتزامن مع البرلمان النظامی المنتخب حدیثاً، بالرغم من أن المحکمة الدستوریة العلیا أغلقت الأخیر خلال معظم فترة عملیة صیاغة الدستور التی دامت ستة أشهر، إلا أن الجمعیة التأسیسیة لم تتولى أی من وظائف البرلمان العادیة، بحیث کان الرئیس مرسی یحکم بفعالیة فی تلک الفترة دون وجود هیئة تشریعیة. على ما یبدو أن الأمر الأکثر أهمیة من طبیعة هیئة صیاغة الدستور فی هذه الحالات الثلاث یتمثل فی: أولاً ما إذا کانت هذه الهیئة مقیدة بشکل کبیر فی اختیاراتها، وثانیاً ما إذا کانت العملیة ستسیطر علیها مجموعة واحدة.

ففی جنوب إفریقیا - على الرغم من الهیمنة السیاسیة لحزب المؤتمر الوطنی الأفریقی - کما یتجلى فی تکوین الجمعیة الدستوریة المنتخبة بالتمثیل النسبی فی عام 1994، کانت العملیة مقیدة بشکل کبیر من بدایتها من خلال تضمین الدستور المؤقت للمبادئ الدستوریة الـ34 التی تم التفاوض علیها بین حزب المؤتمر الوطنی الأفریقی والحزب الوطنی والتی کان الدستور الأخیر ملزماً باحترامها، مثلما تم التصدیق علیها من قبل المحکمة الدستوریة الجدیدة. أما فی تونس لم تکن هناک قیود من هذا القبیل لکن على الرغم من أن حزب النهضة الإسلامی خرج من انتخابات الجمعیة التأسیسیة کأکبر حزب إلا أنه کان یملک 37% فقط من المقاعد ودخل فی ائتلاف مع الأحزاب اللیبرالیة العلمانیة الرئیسة لیشکل ویدیر الحکومة المؤقتة، فقط فی مصر – من بین النماذج الثوریة الثلاثة – کانت هناک هیمنة من قبل فصیل سیاسی واحد ولیس هناک قید داخلی کبیر أو معتبر على العملیة فالجمعیة التأسیسیة أکدت سیادتها بقوة. هذه الهیمنة غیر المقیدة للعملیة ترجمت بشکل متوقع إلى مخرجات دستوریة، إذ أشار العدید من المراقبین إلى أن الدستور المصری لعام 2012 یعکس بشکل کبیر المواقف الدستوریة الجوهریة لحزب الحریة والعدالة، کما عزز مصالحه السیاسیة الاستراتیجیة. على النقیض من ذلک کانت الوثیقة النهائیة فی تونس أکثر اعتدالاً وتنازلاً، وتحوی المزید من أحکام الحقوق التقلیدیة، وتضع ضوابط وتوازنات فی شکل الحکومة شبه الرئاسیة. أما فی جنوب أفریقیا فقد تم التصدیق على الدستور النهائی من قبل المحکمة الدستوریة بعد أن طلبت الأخیرة سلسلة من التعدیلات بما یتفق مع المبادئ الدستوریة المعتمدة مسبقاً.

المسألة الأخیرة من ضمن المسائل الإجرائیة تتمثل فی تساؤل فحواه: هل یوجد ظرف من الظروف یکون فیه من المبرر أو من المستحسن أن یتم تعیین أعضاء هیئة صیاغة الدستور الثوری بدلاً من انتخابهم؟ ففی حالة انتخابهم فإن أسلوب التمثیل النسبی یبدو هو الأسلوب المفضل - لا سیما فی حالة الثورة التی بلا زعیم - من أجل زیادة إشراک جمهور الناخبین إلى الحد الأقصى. بالرغم من أن السبب الواضح لانتخابهم هو أن الثورات الدستوریة تتضمن مطالباً بمزید من الدیمقراطیة، علیه فقد تم دائماً انتخاب هیئات صیاغة الدساتیر، بدءاً بالفرنسیین فی عام 1789، ألا أن الواقع أثبت أن أول نموذج حدیث وأحد النماذج الناجحة النموذجیة والمتمثل فی الاتفاقیة الفیدرالیة فی الولایات المتحدة لم یتم انتخابهم بل تم تعیینهم من قبل الهیئات التشریعیة فی الولایات، رغم ذلک لم تتأثر شرعیتها نتیجة هذا التعیین لأنها تألفت فی الغالب من شخصیات قیادیة فی الثورة، ولأنه کان من المتصور أیضاً فی البدایة أن هذه التشکیلة المعینة کانت أمام تعدیل بدلاً من صیاغة مسودة جدیدة. على عکس ذلک کان التعیین من قبل البرلمان لأعضاء الجمعیة التأسیسیة فی مصر فی آذار 2012 بدلاً من انتخابهم من الشعب، عاملاً مهماً فی افتقارهم إلى الشرعیة، ومع ذلک قد تقتضی حتمیة الشمولیة فی بعض الأحیان - لا سیما فی حالة الثورة التی بلا زعیم - التعیین ولیس الانتخابات کحل ثانی أفضل بالنظر إلى السیاق السیاسی المباشر، فلو تم انتخاب الجمعیة التأسیسیة المصریة فإنه من شبه المؤکد أنها ستعود بنفس النتائج غیر المتوازنة مثل الانتخابات البرلمانیة التی سبقت تشکیلها، إذ إن المشکلة الأساس مع الجمعیة التأسیسیة الأولى – والثانیة إلى حد ما – کان سببها الطبیعة الحزبیة للتعیینات أکثر مما کانت بسبب آلیة التعیین فیها.

 

 

الفرع الثانی: محتوى الدستور الموضوع فی السیاق الدستوری الثوری

 بالانتقال من الظروف المحیطة بعملیة وضع الدستور إلى محتواه تبرز أمامنا مسألتان: الأولى أن هناک العدید من الاحتمالات الجوهریة فی محتوى الدستور التی تتفق مع الهدف الشامل للثورة الدستوریة، والمسألة الثانیة أنه ضمن هذا الهدف الشامل ستختلف المبادئ الثوریة التی یجب أن تتحول إلى مبادئ دستوریة اعتماداً على الطبیعة الخاصة لکل ثورة. فمثلاً فی جنوب أفریقیا کان المبدأ الثوری المرکزی هو المساواة العرقیة. فی حین فی بولندا کانت اللیبرالیة ومناهضة الشیوعیة هی الهدف، أما فی بلدان الربیع العربی کان الهدف یتمثل فی انفصال کامل عن تاریخ السلطة التنفیذیة الاستبدادیة. إن هذا التفاوت والتباین فی الأهداف یؤکد على أهمیة الدرس العام حول المحتوى الدستوری الذی یفترض أنه ینبثق من الأحداث الأخیرة من الدستوریة الثوریة المتمثلة فی أهمیة أخذ السیاق السیاسی فی الحسبان مرة أخرى. قد یکون وجود مؤسسات فی السیاق الاجتماعی السیاسی نهجاً أکثر فائدة وعملیاً للمحتوى الدستوری فی السیاق الثوری. ما یعنیه هذا الکلام هو أن الخیارات المؤسسیة والدستوریة المختلفة - مثل الفصل العمودی والأفقی للسلطات، وشکل الحکومة المرکزیة، ووجود وشکل ومحتوى مسودة الحقوق، والأنظمة الانتخابیة، والمحاکم، واللجان المستقلة، وما إلى ذلک - یجب أن یتم بحثها وتقییمها فی ضوء الظروف السیاسیة المحلیة مع الأخذ بعین الاعتبار توقع الضغوط الرئیسیة التی من المرجح أن یواجهها الدستور الثوری المحدد.

عند الفراغ السیاسی لا تُکتَب الدساتیر ولا تعمل المؤسسات المنشأة، وبخاصة فی حالة السیاق الثوری. هنا تمیل الحلول الدستوریة المطروحة إلى أن تکون مرتبطة بشکل کبیر بخصوصیات الحالة والقوة النسبیة للفصائل والأحزاب السیاسیة. والقلة هم الذین یقدمون حلولاً مؤسسیة نظریة أو مجردة. یجب أن یعکس المحتوى الدستوری - بأبسط مستویاته – مدى وجود حرکة ثوریة واضحة ومهیمنة ولدیها ذخیرة کبیرة من الشرعیة السیاسیة، لأن هذا الأمر یقود إلى تحدید مجموعة التحدیات والضغوط الخاصة التی تواجهها العملیة الدستوریة.

عندما لا تکون هناک حرکة ثوریة مهیمنة - کما هو الحال فی مصر وتونس - ینبغی أن یکون الترکیز أیضاً على منع أی طرف آخر مؤقت من الاستفادة من التناقضات التنظیمیة([xxxix]) للحصول على سیطرة کاملة وغیر مقسمة على الثورة وأذرع السلطة، لیس فقط خلال عملیة اقامة الدستور ولکن بعدها أیضاً، کما ینبغی إقامة أشکال من السیاسات التوافقیة وتقاسم السلطة، إلى حین نضوج وتطور نظام الأحزاب ومعاییر التنافس الدیمقراطی المکبوت فی ظل النظام السلطوی القدیم. واعتماداً على الظروف السیاسیة قد تتضمن هذه الحتمیة من تجنب نظام الفائز قبل اوانه قیام البرلمانیة المقیدة بالتمثیل النسبی أو نسخة من النظام شبه الرئاسی مع مزید من التقسیم فی السلطة بین کل من الرئیس ورئیس الوزراء وبین السلطة التنفیذیة والتشریعیة.

وکمثال على التفاعل بین تصمیم محتوى الدستور والسیاق السیاسی لنأخذ بنظر الاعتبار انتاج نسخة مشابهة إلى حد کبیر من النظام شبه الرئاسی فی مصر وتونس. إذ یعد النظام شبه الرئاسی حالیاً شکلاً شعبیاً جداً من أشکال الحکم، لا سیما بین الدیمقراطیات الجدیدة والانتقالیة مع الماضی الاستبدادی الأخیر. لکونه یضمن تقسیم ومراقبة السلطة التنفیذیة فضلاً عن تجنب مخاطر السیاسة البرلمانیة غیر المستقرة خاصة فی الأنظمة التی لا تحوی أحزاباً ناضجة ومؤسسیة([xl]). ومع ذلک فإن تحقیق هذا الضمان - مهما کان جیداً - یعتمد بشکل کبیر على السیاسات الحزبیة والانتخابیة. تم تقویض الدستور شبه الرئاسی فی مصر والذی تم إعداده بشکل معقول فی کانون الأول 2012 بسبب الحالة غیر المتساویة للمجموعات السیاسیة من حیث الجاهزیة وإضفاء الطابع المؤسسی، والنتائج الانتخابیة التی تبعتها حتماً. إن عدم التنافسیة بین الأحزاب اللیبرالیة - العلمانیة الصغیرة المتعددة والمنقسمة مقارنة بالحزبین الإسلامیین فی الانتخابات التشریعیة التی امتدت من 28 تشرین الثانی 2011 ولغایة 11 کانون الثانی 2012 تضافرت فی المکان مع النظام الانتخابی الفردی ونظام التمثیل النسبی، مما یعنی أنه بالرغم من وجود انتصار محدود فی انتخابات الرئاسة للتیار الاسلامی الحائز على أغلبیة السلطة التشریعیة([xli])، لم یکن الرئیس "مرسی" ملزماً بأی شکل حقیقی من أشکال المشارکة فی السلطة([xlii]). إن هذا التحیز المتصور والفشل فی الوصول إلى المعارضین ینتقصان بسرعة من أی شعور مشترک بین الأطراف فی الحراک الثوری. فضلاً عن ذلک فإن عدم المرونة الکامنة فی المکتب الرئاسی أو عدم وجود إمکانیة مشارکة مؤقتة فی السلطة یعنی أنه کان غیر قابل للبقاء قانونیاً وسیاسیاً فی منصبه لفترة ولایة کاملة مدتها أربع سنوات بغض النظر عن تصاعد المعارضة وتضاؤل ​​الشعبیة وهو الأمر الذی زاد من احتمال حدوث الانقلاب العسکری النهائی. وبناءً على ذلک فإن خیارات التصمیم الدستوری التی تأخذ ذلک فی نظر الاعتبار وتقلل من إمکانیة مثل هذا الترکیز قد یتم استدعاؤها فی هذا الموقف.

على النقیض من ذلک التوازن المختلف بین سیاسات الأحزاب والشعور فی تونس قد یمکّن الدستور شبه الرئاسی المصمم بشکل جید فی کانون الثانی 2014 من العمل بشکل أکثر نجاحاً هناک. فی أعقاب فترة تقاسم السلطة بین النهضة - التی حازت أغلبیة المقاعد - واثنین من الأحزاب العلمانیة التی توسعت بعد انتخابات الجمعیة التأسیسیة فی عام 2011 أعطت الانتخابات التشریعیة فی تشرین الأول 2014 بموجب الدستور الجدید الکتلة الحزبیة العلمانیة الرئیسیة التی تشکلت حدیثا (نداء تونس) ستة وثمانین من أصل مائتی وسبعة عشر مقعداً وحزب النهضة تسعة وستین مقعداً. وکانت النتیجة هی تشکیل حکومة وحدة وطنیة جدیدة ولکنها تنطوی على نقل کبیر للسلطة بین الأحزاب مقارنة بالسابق([xliii]).

وبالمثل فإن الاختیار بین المنهج التدریجی والتحویلی للمحتوى الدستوری قد یعتمد إلى حد کبیر على السیاق السیاسی المحلی. فعندما تکون قضیة معینة موضوع خلاف عمیق ووجودی على الخطوط ذاتها التی تفرق بین مجتمع سیاسی منقسم بشدة -  على سبیل المثال قضیة اللغة الوطنیة وقانون الأسرة فی الهند، أو ربما الفجوة بین الإسلامیین والعلمانیین فی مصر وتونس - فإن أفضل منهج من الناحیة العملیة هو الذی یؤجل فعلیاً أی قرار نهائی وبخاصة عندما یهدد بتقویض استقرار وسلطة النظام الجدید على قضیة لم تکن مرکزیة للثورة نفسها.

 

الخاتمة

تعد الدستوریة الثوریة میداناً خصباً من میادین القانون الدستوری المقارن رغم إهمالها نوعاً ما مقارنة ببقیة المواضیع. وتأتی أهمیتها هذه لسببین: الأول أنها تشتمل على مجموعة مهمة ودائمة ومتجددة من الحالات التجریبیة والتی تقتضی الدستوریة بطریقة ممیزة - من خلال علاقة مع ثورة سیاسیة کامنة - ولها قواسم مشترکة خاصة بها وتحدیات ومیول وانحرافات تجعلها تستحق الترکیز والبحث المتخصصَین. والسبب الثانی یتمثل فی المفهوم: فالدستوریة الثوریة تختلف عن مصطلح الثورة الدستوریة القریب بالرغم من وجود بعض التداخل بینهما فی تلک الأحداث الحاصلة فی الأول التی یمکن أن تحصل أیضاً مع الثورة الدستوریة. لکن المعنى الأساسی للدستوریة الثوریة هو الانتقال إلى الدستوریة عن طریق الثورة السیاسیة، فی حین أن المعنى الأساسی للثورة الدستوریة هو التحول الجذری داخل النظام القانونی الدستوری.

إحدى التحدیات الخاصة التی تواجه الدستوریة فی السیاق الثوری هو إعادة تأسیس السلطة السیاسیة من جانب النظام الجدید بعد خسارتها من قبل القدیم. فی هذه الحالة فإن عملیة اقامة الدستور لها القدرة على اتخاذ أهمیة موضوعیة تتجاوز الإشارة إلى نهایة الفترة الانتقالیة بین التوقیع القانونی وإعادة العقد الجدید کما کان. بدون المبالغة فی دور عملیة وضع الدستور فی النجاح أو الفشل الشامل للثورات الدستوریة، یمکن أن تکون هذه العملیة بمثابة المصدر الرئیس للشرعیة التی یجب أن یتمتع بها النظام الجدید على نطاق واسع، بغض النظر عن صفته.

ولتحقیق ذلک وکذلک لتجنب بعض الانحرافات التی تمیل إلیها الدستوریة الثوریة بشکل واضح، من المهم أن تکون عملیة اقامة الدستور ونتائجها مصممتین للأخذ بنظر الاعتبار السیاق السیاسی المحلی على الأرض. لکن القیام بذلک یتطلب التسلیم بظاهرة متناقضة نهائیة تتمثل فی أن الحالة التی یکون فیها إعادة تأسیس السلطة السیاسیة أکثر إلحاحاً – والمتمثلة بوجود مجموعة أو حزب صاعد مؤقت یفتقر إلى الدعم الشعبی المتجذر والواسع النطاق لحرکة ثوریة مهیمنة بقوة – هی الحالة ذاتها التی لا یحدث فیها هذا الأمر على الأرجح، فی هذه الحالة لا یوجد – فی کثیر من الأحیان – أی جهة أو شخص لدیه الشرعیة أو القوة أو الحافز للوقوف أمام ذلک الحزب أو تلک المجموعة وإجبارهم على التنازل لصالح الثورة نفسها.

لذا نؤکد على ضرورة مراعاة ما یأتی:

  1. منع أی طرف آخر من الاستفادة من التناقضات التنظیمیة للحصول على سیطرة کاملة على الثورة وأذرع السلطة، لیس فقط خلال عملیة اقامة الدستور ولکن بعدها أیضاً.

2. کما ینبغی إقامة أشکال من السیاسات التوافقیة وتقاسم السلطة، إلى حین نضوج وتطور نظام الأحزاب ومعاییر التنافس الدیمقراطی المکبوت من قبل النظام الاستبدادی القدیم.

3. ضرورة تجنب النظام الرئاسی قبل اوانه واعتماد النظام البرلمانی المقید بالتمثیل النسبی أو النظام شبه الرئاسی (المختلط)، مع مزید من تقاسم السلطة بین کل من الرئیس ورئیس الوزراء وبین السلطة التنفیذیة والتشریعیة.

أخیراً... أدعو الله أن یتقبل هذا الجهد المتواضع، وأن أکون قد وفقت فی بیان وجهة نظری وقد قدمت ولو بشکل متواضع مساهمة إضافة للحقل المعرفی الدستوری



([i]) هذا هو تعریف أولی فقط وسیتم فی المبحث الأول توضیح هذا المفهوم بشکل أکثر تفصیلاً.

([ii]) یعد مصطلح "الدستوریة الثوریة" ترجمة حرفیة لمصطلح " Revolutionary constitutionalism " الذی لم یتمکن الباحث من تحدید أول من استخدمه فی الکتابات الدستوریة وتاریخ أول استخدام له بدقة غیر أنه من خلال الاستقراء یبدو أن الکتاب الأمریکان هم أکثر من استخدمه أمثال: "هانا أرندت" "Hannah Arendt" "وستیفن کاردباوم" "Stephen Gardbaum" وذلک فی بحوثهم التی سیتم الإشارة إلیها لاحقاً فی هذه الدراسة.

([iii]) هناک من یرى أن الثورة الأمریکیة قد تکون الأقرب لهذا النموذج، لکن وجود ودور الحرکة الثوریة النموذجیة والقیادة أبعد ما یکون عن الوضوح مما یتطلب قراءة قویة لدور جورج واشنطن، کذلک تعد الثورة الإیرانیة نموذجاً مشابهاً لدى آخرین.

)[iv]( Hannah Arendt, (On Revolution), Reprinted in Penguin Books in 1990, E.17 England by Clays Ltd, P: 259 .

https://monoskop.org/images/b/bf/Arendt_Hannah_On_Revolution_1990.pdf

)[v]( Stephen Gardbaum, (Revolutionary constitutionalism), International Journal of Constitutional Law, Vol. 15 No. 1, 2017, P:176.

 https://www.doi.org/10.1093/icon/mox005 

)[vi]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.177.

([vii]) هذا الرأی یناقض تأکید "آرندت" الظاهری والواضح على مرکزیة العنف فی الثورات. ینظر:

Hannah Arendt, Op.Cit., p.35–39.

)[viii]( Mark Tushnet, (Authoritarian Constitutionalism), Cornell Law Review, Vol.100, No.2, 2015, P: 454- 455,

      https://scholarship.law.cornell.edu/clr/vol100/iss2/3

)[ix]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.178.

([x]) کجزء من عملیة إعادة الدستور الکندی إلى الوطن عام 1982 وضع المیثاق الکندی للحقوق والحریات الجدیدة تشریعاً دستوریاً للحقوق والمحاکم المخولة لفرض الحقوق على الهیئات التشریعیة للمرة الأولى. ینظر:

https://www.en.wikipedia.org/wiki/Canadian_Charter_of_Rights_and_Freedoms

)[xi]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.179.

)[xii]( Gary Jacobsohn, (Theorizing the Constitutional Revolution), Journal of Law and Courts,Vol.2, No.1, 2014. P: 3.

https://www.academia.edu/11125697/Theorizing_the_Constitutional_Revolution 

([xiii]) لمزید من التفاصیل حول أحداث الثورة الایرلندیة، ینظر:

Rivka Weill, (Evolution vs. Revolution: Dueling Models of Dualism), American Journal of Comparative Law, Vol. 54, 2006, Pp. 429- 479.

https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=964404

)[xiv]( Ozan Varol, (The Democratic Coup d’État), Harvard International Law Journal, Vol. 53, No.2, 2012, Pp: 291- 356.

http://www.harvardilj.org/wp-content/uploads/2012/10/HLI203.pdf

([xv]) لمزید من التفاصیل حول هذه المظاهرات ینظر:

 https://www.ar.wikipedia.org

)[xvi]( Hannah Arendt, Op.Cit., p: 260.

([xvii]) وقد بدأ هذا التقاسم بدعوة من جمعیة ممثلی الفئات الثلاث للمجتمع الفرنسی (Estates-General) وزاد بشکل کبیر عندما حولت نفسها بسرعة إلى جمعیة وطنیة ذات سیادة، لمزید من التفصیل ینظر: ألبیر سوبول، تاریخ الثورة الفرنسیة، ترجمة: جورج کوسى، منشورات بحر المتوسط وعویدات، بیروت، ط4، 1989، ص ص 172 وما بعدها.

([xviii]) ج. آ. س غرنفیل، الموسوعة التاریخیة العسکریة الکبرى لأحداث القرن العشرین، ترجمة: علی مقلد، ط1، 2012، الدار العربیة للموسوعات، بیروت، المجلد (4)، ص148.

)[xix]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.184-185.

)[xx](Hannah Arendt, Op.Cit., p: 205.

([xxi]) شملت تجربة جنوب أفریقیا على غیر العادة عملیتی صنع الدستور: (1) المفاوضات غیر المنتخبة والشاملة للأحزاب التی نتج عنها الدستور المؤقت لعام 1993 و (2) الجمعیة الدستوریة المنتخبة التی نتج عنها الدستور النهائی لعام 1996.

)[xxii]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.181.

)[xxiii]( Tom Ginsburg, Daniel Lansberg-Rodriguez, & Mila Versteeg, (When to Overthrow your Government: The Right to Resist in the World’s Constitutions), UCLA Law Review, Vol. 60, No. 5, 2013,  p.1184.

https://chicagounbound.uchicago.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=5102&context=journal_articles

)[xxiv]( Stephen Gardbaum, Op.Cit. p.182.

ولابد من الإشارة إلى عدم الاستهانة بالدور المهم والمستقل للحرب الخارجیة فی حالات الثورتین الفرنسیة والروسیة، والحرب الأهلیة فی حالة الثورة المکسیکیة فی التأثیر على مسار الثورة.

)[xxv]( Jon Elster, (Forces and Mechanisms in the Constitution-Making Process), Duke Law Journal, Vol.45, 1995, p: 364-365.

https://scholarship.law.duke.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=3297&context=dlj

([xxvi]) إذ یصفها (دیفد لاندو) بقوله:

“In these cases, the constitution-making process will indeed be one of the key moments in shaping the character of the new regime.” David Landau, (The Importance of Constitution-Making), Denver University Law Review, Vol. 89, 2012, p:6

https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1950405

([xxvii]) لمزید من التفصیل حول الطبیعة المعقدة لهذه العلاقة ینظر:

Tom Ginsburg, Zachary Elkins, & Justin Blount, (Does the Process of Constitution-Making Matter?), Annual Review of Law and Social Science, Vol. 5, 2009, Pp. 201-223.

https://www.researchgate.net/publication/228127649_Does_the_Process_of_Constitution-Making_Matter

)[xxviii]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.190.

([xxix]) کان نهرو رئیس وزراء الهند منذ الاستقلال عام 1947 حتى وفاته عام 1964.

([xxx]) کان التاسع من ثیرمیدور فی التقویم الثوری الجدید هو التاریخ الذی تم فیه مهاجمة روبسیر والثوریین المتطرفین الآخرین فی المؤتر الوطنی. ینظر:

https://ar.wikipedia.org/wiki

([xxxi]) تم استبدال الدستور الشیوعی لعام 1952 بآخر جدید عام 1997 وقبل ذلک تم تعدیل دستور 1952 فی ما أصبح یعرف باسم "الدستور الصغیر".

([xxxii]) عملیة التصدیق کانت مطلوبة، وحصلت على ثلثی أصوات الجمعیة التأسیسیة.

([xxxiii]) قامت المحکمة الدستوریة العلیا بحل أول جمعیة تأسیسیة فی نیسان 2012.

([xxxiv]) لذلک یبدو أن مصر وتونس (وکذلک جنوب أفریقیا) من الأمثلة المثیرة للاهتمام المضادة لوجهة النظر فی المقالات التی تفید بأن الموافقة على مسودة الدستور عن طریق الاستفتاء الشعبی تؤدی إلى مستویات أعلى من الشرعیة والدعم العام لها.

([xxxv]) هنا فی إطار هذا السیناریو الخاص من الدستوریة الثوریة أتفق مع الوصفة الأکثر عمومیة لـ David Landau” ینظر:        

David Landau, (The Importance of Constitution-Making), Op.cit., p.46.

([xxxvi]) بالتأکید کان هذا الأمر أکثر تشویشًا من حقیقة أن أعضائها قد تم تعیینهم من قبل برلمان یهیمن علیه حزب الحریة والعدالة، والذی کان مرسی - بموجب طبیعة منصبه الرئاسی - زعیماً فعلیا للحزب. للمزید من التفصیل حول الملابسات التی رافقت تلک المرحلة ینظر: سدادمولودسبع، الإخوانالمسلمونوتغییرالنظامالسیاسیفی مصر، مجلة دراسات دولیة، مرکز الدراسات الاستراتیجیة والدولیة/ جامعة بغداد، العدد 48، 2014، ص 64-69. وأحمدعدنانکاظم، أزمةحکم جماعةالإخوانالمسلمینفیمصربینالشرعیةالدستوریة والشرعیةالثوریةبعدعام 2011، مجلة السیاسیة والدولیة/ الجامعة المستنصریة، العدد 26-27، 2015، ص ص77 – 108. وناظردهاممحمود، الإسلامیونواشکالیةالحکمدراسةفی حالةالإخوانالمسلمینفیمصربعدثورة 25 ینایر 2011، مجلة آداب الفراهیدی/ جامعة تکریت،العدد 32، 2018، ص ص506 – 525.

)[xxxvii](  Jon Elster, Op.Cit., p: 394–395.

([xxxviii]) بالنسبة للمواقف المتناقضة - فی الغالب - حول هذه المسألة ، قارن بین ما کتبه کل من: Elster, المصدر السابق و

David Landau, (Constitution-Making Gone Wrong), Alabama Law Review, Vol. 64, 2013, Pp; 923 - 980.

https://www.law.ua.edu/pubs/lrarticles/Volume%2064/Issue%205/1%20Landau%20923-980.pdf

)[xxxix](  Landau, Op.Cit., p:65, at 975.

([xl]) لمزید من التفصیل، ینظر:

Sujit Choudhry & Richard Stacey, Semi-Presidentialism as a Form of Government: Lessons from Tunisia, Center for Constitutional Transitions Working Paper, No. 2, June 2013.

http://constitutionaltransitions.org/consolidating-arab-spring/

([xli]) سدادمولودسبع، المصدر السابق، ص 66.

([xlii]) بمعنى أن ترکیز السلطة فی الرئیس یکون أکبر فی ظل سیناریو "الأغلبیة الموحدة". ینظر

Cindy Skach, (The “Newest” Separation of Powers: Semi-Presidentialism), International Journal of Constitutional Law, Vol.5, Issue.1, 2007, p: 101.

https://academic.oup.com/icon/article/5/1/93/722466

([xliii]) لمزید من التفصیل حول الواقع السیاسی التونسی ینظر: هادیة یحیاوی، الدولةالمدنیةمصیرالهویةبعدالانتفاضاتالعربیة تونسومصرأنموذجاً، مجلةتکریتللعلومالسیاسیة/ جامعة تکریت، المجلد 3، السنة 3، العدد 7، 2016، ص9-10.

([1]) هذا هو تعریف أولی فقط وسیتم فی المبحث الأول توضیح هذا المفهوم بشکل أکثر تفصیلاً.
([1]) یعد مصطلح "الدستوریة الثوریة" ترجمة حرفیة لمصطلح " Revolutionary constitutionalism " الذی لم یتمکن الباحث من تحدید أول من استخدمه فی الکتابات الدستوریة وتاریخ أول استخدام له بدقة غیر أنه من خلال الاستقراء یبدو أن الکتاب الأمریکان هم أکثر من استخدمه أمثال: "هانا أرندت" "Hannah Arendt" "وستیفن کاردباوم" "Stephen Gardbaum" وذلک فی بحوثهم التی سیتم الإشارة إلیها لاحقاً فی هذه الدراسة.
([1]) هناک من یرى أن الثورة الأمریکیة قد تکون الأقرب لهذا النموذج، لکن وجود ودور الحرکة الثوریة النموذجیة والقیادة أبعد ما یکون عن الوضوح مما یتطلب قراءة قویة لدور جورج واشنطن، کذلک تعد الثورة الإیرانیة نموذجاً مشابهاً لدى آخرین.
)[1]( Hannah Arendt, (On Revolution), Reprinted in Penguin Books in 1990, E.17 England by Clays Ltd, P: 259 .
)[1]( Stephen Gardbaum, (Revolutionary constitutionalism), International Journal of Constitutional Law, Vol. 15 No. 1, 2017, P:176.
)[1]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.177.
([1]) هذا الرأی یناقض تأکید "آرندت" الظاهری والواضح على مرکزیة العنف فی الثورات. ینظر:
Hannah Arendt, Op.Cit., p.35–39.
)[1]( Mark Tushnet, (Authoritarian Constitutionalism), Cornell Law Review, Vol.100, No.2, 2015, P: 454- 455,
)[1]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.178.
([1]) کجزء من عملیة إعادة الدستور الکندی إلى الوطن عام 1982 وضع المیثاق الکندی للحقوق والحریات الجدیدة تشریعاً دستوریاً للحقوق والمحاکم المخولة لفرض الحقوق على الهیئات التشریعیة للمرة الأولى. ینظر:
)[1]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.179.
)[1]( Gary Jacobsohn, (Theorizing the Constitutional Revolution), Journal of Law and Courts,Vol.2, No.1, 2014. P: 3.
([1]) لمزید من التفاصیل حول أحداث الثورة الایرلندیة، ینظر:
Rivka Weill, (Evolution vs. Revolution: Dueling Models of Dualism), American Journal of Comparative Law, Vol. 54, 2006, Pp. 429- 479.
)[1]( Ozan Varol, (The Democratic Coup d’État), Harvard International Law Journal, Vol. 53, No.2, 2012, Pp: 291- 356.
([1]) لمزید من التفاصیل حول هذه المظاهرات ینظر:   
)[1]( Hannah Arendt, Op.Cit., p: 260.
([1]) وقد بدأ هذا التقاسم بدعوة من جمعیة ممثلی الفئات الثلاث للمجتمع الفرنسی (Estates-General) وزاد بشکل کبیر عندما حولت نفسها بسرعة إلى جمعیة وطنیة ذات سیادة، لمزید من التفصیل ینظر: ألبیر سوبول، تاریخ الثورة الفرنسیة، ترجمة: جورج کوسى، منشورات بحر المتوسط وعویدات، بیروت، ط4، 1989، ص ص 172 وما بعدها.
([1]) ج. آ. س غرنفیل، الموسوعة التاریخیة العسکریة الکبرى لأحداث القرن العشرین، ترجمة: علی مقلد، ط1، 2012، الدار العربیة للموسوعات، بیروت، المجلد (4)، ص148.
)[1]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.184-185.
)[1](Hannah Arendt, Op.Cit., p: 205.
([1]) شملت تجربة جنوب أفریقیا على غیر العادة عملیتی صنع الدستور: (1) المفاوضات غیر المنتخبة والشاملة للأحزاب التی نتج عنها الدستور المؤقت لعام 1993 و (2) الجمعیة الدستوریة المنتخبة التی نتج عنها الدستور النهائی لعام 1996.
)[1]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.181.
)[1]( Tom Ginsburg, Daniel Lansberg-Rodriguez, & Mila Versteeg, (When to Overthrow your Government: The Right to Resist in the World’s Constitutions), UCLA Law Review, Vol. 60, No. 5, 2013,  p.1184.
)[1]( Stephen Gardbaum, Op.Cit. p.182.
ولابد من الإشارة إلى عدم الاستهانة بالدور المهم والمستقل للحرب الخارجیة فی حالات الثورتین الفرنسیة والروسیة، والحرب الأهلیة فی حالة الثورة المکسیکیة فی التأثیر على مسار الثورة.
)[1]( Jon Elster, (Forces and Mechanisms in the Constitution-Making Process), Duke Law Journal, Vol.45, 1995, p: 364-365.
([1]) إذ یصفها (دیفد لاندو) بقوله:
“In these cases, the constitution-making process will indeed be one of the key moments in shaping the character of the new regime.” David Landau, (The Importance of Constitution-Making), Denver University Law Review, Vol. 89, 2012, p:6
([1]) لمزید من التفصیل حول الطبیعة المعقدة لهذه العلاقة ینظر:
Tom Ginsburg, Zachary Elkins, & Justin Blount, (Does the Process of Constitution-Making Matter?), Annual Review of Law and Social Science, Vol. 5, 2009, Pp. 201-223.
)[1]( Stephen Gardbaum, Op.Cit., p.190.
([1]) کان نهرو رئیس وزراء الهند منذ الاستقلال عام 1947 حتى وفاته عام 1964.
([1]) کان التاسع من ثیرمیدور فی التقویم الثوری الجدید هو التاریخ الذی تم فیه مهاجمة روبسیر والثوریین المتطرفین الآخرین فی المؤتر الوطنی. ینظر:  
([1]) تم استبدال الدستور الشیوعی لعام 1952 بآخر جدید عام 1997 وقبل ذلک تم تعدیل دستور 1952 فی ما أصبح یعرف باسم "الدستور الصغیر".
([1]) عملیة التصدیق کانت مطلوبة، وحصلت على ثلثی أصوات الجمعیة التأسیسیة.
([1]) قامت المحکمة الدستوریة العلیا بحل أول جمعیة تأسیسیة فی نیسان 2012.
([1]) لذلک یبدو أن مصر وتونس (وکذلک جنوب أفریقیا) من الأمثلة المثیرة للاهتمام المضادة لوجهة النظر فی المقالات التی تفید بأن الموافقة على مسودة الدستور عن طریق الاستفتاء الشعبی تؤدی إلى مستویات أعلى من الشرعیة والدعم العام لها.
([1]) هنا فی إطار هذا السیناریو الخاص من الدستوریة الثوریة أتفق مع الوصفة الأکثر عمومیة لـ David Landau” ینظر:
David Landau, (The Importance of Constitution-Making), Op.cit., p.46.
([1]) بالتأکید کان هذا الأمر أکثر تشویشًا من حقیقة أن أعضائها قد تم تعیینهم من قبل برلمان یهیمن علیه حزب الحریة والعدالة، والذی کان مرسی - بموجب طبیعة منصبه الرئاسی - زعیماً فعلیا للحزب. للمزید من التفصیل حول الملابسات التی رافقت تلک المرحلة ینظر: سدادمولودسبع، الإخوانالمسلمونوتغییرالنظامالسیاسیفی مصر، مجلة دراسات دولیة، مرکز الدراسات الاستراتیجیة والدولیة/ جامعة بغداد، العدد 48، 2014، ص 64-69. وأحمدعدنانکاظم، أزمةحکم جماعةالإخوانالمسلمینفیمصربینالشرعیةالدستوریة والشرعیةالثوریةبعدعام 2011، مجلة السیاسیة والدولیة/ الجامعة المستنصریة، العدد 26-27، 2015، ص ص77 – 108. وناظردهاممحمود، الإسلامیونواشکالیةالحکمدراسةفی حالةالإخوانالمسلمینفیمصربعدثورة 25 ینایر 2011، مجلة آداب الفراهیدی/ جامعة تکریت،العدد 32، 2018، ص ص506 – 525.
)[1](  Jon Elster, Op.Cit., p: 394–395.
([1]) بالنسبة للمواقف المتناقضة - فی الغالب - حول هذه المسألة ، قارن بین ما کتبه کل من: Elster, المصدر السابق و
David Landau, (Constitution-Making Gone Wrong), Alabama Law Review, Vol. 64, 2013, Pp; 923 - 980.
)[1](  Landau, Op.Cit., p:65, at 975.
([1]) لمزید من التفصیل، ینظر:
Sujit Choudhry & Richard Stacey, Semi-Presidentialism as a Form of Government: Lessons from Tunisia, Center for Constitutional Transitions Working Paper, No. 2, June 2013.
([1]) سدادمولودسبع، المصدر السابق، ص 66.
([1]) بمعنى أن ترکیز السلطة فی الرئیس یکون أکبر فی ظل سیناریو "الأغلبیة الموحدة". ینظر
Cindy Skach, (The “Newest” Separation of Powers: Semi-Presidentialism), International Journal of Constitutional Law, Vol.5, Issue.1, 2007, p: 101.
([1]) لمزید من التفصیل حول الواقع السیاسی التونسی ینظر: هادیة یحیاوی، الدولة المدنیة مصیر الهویة بعد الانتفاضات العربیة تونس ومصر أنموذجاً، مجلة تکریت للعلوم السیاسیة/ جامعة تکریت، المجلد 3، السنة 3، العدد 7، 2016، ص9-10.